الإجراءات الشكلية لرفع الدعوى الدستورية المباشرة في الجمهورية اليمنية، ومشروع إجراءاتها

الإجراءات الشكلية لرفع الدعوى الدستورية المباشرة في الجمهورية اليمنية، ومشروع إجراءاتها

أ.د. علي مهدي العلوي بارحمة

#اعرف_حقك_وقانونك⚖️🇾🇪


الدعوى الدستورية هي الوسيلة القانونية للجوء إلى المحكمة العليا – الدائرة الدستورية في الجمهورية اليمنية، لمخاصمة تشريع مخالف للدستور، الأمر الذي يستوجب توافر الشروط الشكلية المطلوبة لأي نوع من الدعاوى الأخرى. ومن الأهمية بمكان أن تتوافر فيها الشروط الآتية:

- يُشترط وجوبًا أن تكون للمدعي في الدعوى الدستورية مصلحة قائمة، مباشرة، ومؤثرة في مركزه القانوني، ومهددة بفعل مخالفة المشروعية الدستورية.

- أن يرفق المدعي بالدعوى الدستورية حافظة مستندات تُثبت أن ضررًا فعليًا قد لحق به، أو يمكن أن يلحق به بشكل مباشر ومستقل، بسبب التشريع المطلوب إلغاؤه، سواء بدأ سريانه أم لم يبدأ.

- ألا يكون الضرر نظريًا أو احتماليًا أو مستقبليًا أو مجهولًا.

- أن تكون للمدعي الصفة المعتمدة قانونًا.

ويتضح أن إجراءات رفع الدعوى الدستورية المباشرة تُعد من القواعد الآمرة واجبة التطبيق، ويترتب على مخالفتها اعتبار الدعوى معيبة من حيث الشكل المتعلق بالنظام العام، وبقواعده القانونية التي تنظم كيفية اللجوء إلى القضاء الدستوري، نظرًا لأهمية ومكانة موضوعاته مقارنة بغيره من الدعاوى.

ومن يلجأ إلى القضاء الدستوري يتعين عليه مراعاة القواعد القانونية الواجبة لتنظيم آليات التقاضي، إذ إن القضاء هو السلطة الرسمية المختصة بالفصل في المنازعات، وما وضعه المشرّع من قواعد للتقاضي أمامه إنما يهدف إلى تبسيط الإجراءات، بما يحقق الضمانات القانونية الفعلية لحماية حقوق الخصوم، ويكفل السلمية في اللجوء إلى القضاء.

وعند لجوء المدعي إلى المحكمة العليا – الدائرة الدستورية طالبًا الحماية الدستورية، فإنه يضع بين يدي المحكمة المختصة دعواه للفصل فيها. ويُعد القضاء الدستوري منظومة قضائية ذات خصوصية، تتميز بإجراءات تحكم وتنظم سير الدعاوى الدستورية في كثير من دول العالم بقدر عالٍ من الحرص والصرامة، نظرًا لكون موضوعها مخاصمة تشريع معين أو جزء منه، سواء من حيث كيفية رفعها، أو إجراءات نظرها، أو إصدار الحكم فيها وقطعيته. وتطبق هذه الإجراءات على جميع الأشخاص بحسب صفاتهم أمام المحكمة العليا للجمهورية – الدائرة الدستورية المختصة بالرقابة القضائية على دستورية التشريعات.

ويتضح أن الدعوى الدستورية المباشرة في الجمهورية اليمنية، شأنها شأن سائر الدعاوى القضائية، يشترط لرفعها اتباع إجراءات معينة يحددها قانون المرافعات النافذ ويرسم مسارها، وإلا حُكم بعدم قبولها. كما تتجلى صور الرقابة القضائية على مشروعية التشريع في ظل عدم وجود قانون خاص ينظمها.

ويقتضي البحث في الإجراءات الشكلية لرفع الدعوى الدستورية المباشرة معرفة كيفية إعداد عريضة الدعوى وبياناتها الواجب توافرها، إضافة إلى إجراءات إعلان الخصوم لتمكينهم من إبداء ملاحظاتهم وتعقيباتهم بشأن الخصومة القانونية.


أسس إعداد عريضة الدعوى الدستورية المباشرة وبياناتها

يجب أن تُقام كل دعوى بعريضة مستوفية للشروط التي أوجبها القانون. والمقصود بعريضة الدعوى أنها عريضة قانونية مكتوبة تُرفع إلى محكمة ذات ولاية، يعرض المدعي من خلالها ادعاءاته وطلباته ودفوعه بقصد الحصول على حكم قضائي، سواء بتقرير حق أو بحماية مركز قانوني.

ويجب أن تشتمل عريضة الدعوى الدستورية المباشرة، التي يحررها المدعي أو من يمثله، على البيانات الأساسية المنصوص عليها في المادة (104) من قانون المرافعات والتنفيذ المدني رقم (40) لسنة 2002م، فضلًا عن بيان موضوع الدعوى ووقائعها وأسباب عدم الدستورية، شكلية كانت أم موضوعية، وطلباتها.

ولم يوضح قانون السلطة القضائية لسنة 1991م وتعديلاته، الذي نظم المحكمة العليا ودائرة الدستورية، إجراءات رفع الدعاوى الدستورية وخصوصيتها ومواعيد الفصل فيها، كما خلت اللائحة الداخلية للمحكمة العليا من تنظيم ذلك، وتركت المسألة لقانون المرافعات والتنفيذ المدني، وهو ما يُعد قصورًا تشريعيًا.

وتقدم الدعوى الدستورية المباشرة أمام المحكمة العليا للجمهورية (الدائرة الدستورية) من الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية، العامة أو الخاصة. ويتطلب الأمر التمييز بين الأشخاص الاعتبارية العامة التي لا تهدف إلى الربح، مثل المؤسسات العامة والمرافق العامة والوزارات وفروعها، والتي يجب أن يقرر قانون إنشائها تمتعها بالشخصية الاعتبارية، وينظمها القانون الإداري.

وتُعد المرافق المختلطة التي تشارك فيها الدولة بنسبة 51% فأكثر مرافق عامة، تسري عليها أحكام الشخص الاعتباري العام. أما الشركات أو الأنشطة التي تشارك فيها الدولة بنسبة أقل من 50% دون إشراف مباشر، فتُقدّر الدائرة الدستورية وضعها القانوني في حال غياب نص خاص.

كما تمارس الشركات الخاصة، الوطنية أو الأجنبية، المتمتعة بالشخصية الاعتبارية، حقها في رفع الدعوى الدستورية المباشرة.


وعليه، تُتناول إجراءات رفع الدعوى الدستورية المباشرة من:

الأشخاص الاعتبارية العامة أولًا،

الأشخاص الطبيعيين ثانيًا،

الأشخاص الاعتبارية الخاصة ثالثًا.

وذلك على النحو الآتي:

يجب أن تكون الدعوى المقدمة من الجهات الرسمية معللة بالأسباب والأسانيد القانونية التي تُبين مخالفة التشريع للدستور، مع تحديد النص التشريعي المخالف والنص الدستوري المُدعى مخالفته.

تُرسل الدعوى من الجهة الحكومية بكتاب موقع من الوزير المختص أو رئيس الجهة، مع عدم وجود تنظيم إجرائي محدد لذلك في اللائحة الداخلية للمحكمة العليا.

تُقدم الدعوى بواسطة الممثل القانوني للمدعي، على ألا تقل درجته عن محامٍ مترافع أمام المحكمة العليا، وتُقدم العرائض مطبوعة، وفق ما ينبغي أن تنظمه اللائحة الداخلية.


بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة القاضي العلامة/ علي أحمد لعوش

رئيس المحكمة العليا المحترم

تحية طيبة،

الموضوع: مقترح بمشروع اللائحة التنظيمية لإجراءات الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا للجمهورية.

يسر أستاذ القانون الدستوري وطلاب برنامج الدكتوراه (القسم العام) بكلية الحقوق – جامعة عدن، أن يتقدموا إلى فضيلتكم بهذا المقترح، راجين أن ينال استحسانكم. وذلك استنادًا إلى الدراسة المنهجية المقارنة لرقابة القضاء الدستوري في عدد من دول العالم، والتي كشفت عن نقص تنظيمي في اللائحة التنظيمية للمحكمة العليا الصادرة بالقرار الجمهوري رقم (8) لسنة 2009م، يتمثل في عدم تنظيم إجراءات التقاضي أمام الدائرة الدستورية، وفقًا لاختصاصاتها المنصوص عليها في المادة (153) من الدستور، والمادتين (12، 19) من قانون السلطة القضائية، والقانون رقم (6) لسنة 1995م.

ونظرًا لأهمية الدائرة الدستورية وجسامة اختصاصاتها، نوصي بإدراج هذا المشروع ضمن اللائحة التنظيمية للمحكمة العليا، سواء بقرار من فضيلتكم أو بتعديلها بقرار جمهوري.


وتفضلوا بقبول فائق الشكر والتقدير.

تاريخ: 12 أغسطس 2025م

أ.د. علي مهدي العلوي بارحمة

وطلاب الدكتوراه – القسم العام

كلية الحقوق – جامعة عدن

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.